محمود درويش - تلك صورتها وهذا انتحار

سجانُ يا سجانُ
لي وجهٌ يحاول أن يراني
سجان يا سجان
لي وجهٌ أحول ان أراهُ
لكنهم عادوا إلى يافا , ولم أذهب
انا ضد القصيدة
ضد هذا الساحل الممتدّ من جرحي
إلى أوراق الجريدة .
كثر الحياديون . أو كثر الرماديّون
قال البرتقال : أنا حيادي رماديّ
وقال الجرح : ما أصلُ العقيده ؟
قلتُ : أن تبقى وأمشي فيكَ كي ألغيك ...
كي أشفيكَ منّي .
والسجن يتسع .. البحار تضيق ..
أشهد أني غطيتهُ بالصمت قرب البحر
أشهدُ أني ودعتهُ بين الندى والأنتحار .

وأشهدُ أنهُ مات , الفراشة , بائع الدم , عاشق الأبواب .
لي زنزانةٌ تمتدُ من سنةٍ إلى لغةٍ
من ليلٍ إلى خيلٍ
ومن جرحٍ إلى قمحٍ
ولي زنزانةٌ جنسيةٌ كالبحرِ
قال : حبيبتي موجٌ
وأمضى عمره في الحائط المتموجِ .. السقف القريب
وحمله الهاربْ .
أنا المتكلم الغائبْ
سأنتظر انتظاري . كنتُ أعرفني
لـأنَّ طفولتي رجلٌ أحبُّ ..
أحبُ إمرأة تمر أمام ذاكرتي ونيراني .
ولا تبقى ولا تمضي .
أحبُ يمامةً سميتها بلداً .
أنا ضد العلاقة , والبداية , والناية , ضد أسمائي
أنا المتكلم الغائب ..


محمود درويش - تلك صورتها وهذا انتحار العاشق